top of page

الفقه الإسلامي وتنمية العلاقات في سوق العمل

ورقة علمية مقدمة لمؤتمر الدراسات الفقهية و الشرعية 2016 في الشارقة

الباحث : عطية بن عبدالله الباحوث

تنزيل الورقة العلمية بصيغة PDF

تنزيل الورقة العلمية بصيغة وورد

الباحوث، عطية بن عبدالله: الفقه الإسلامي وتنمية العلاقات في سوق العمل .المؤتمر الدولي للدراسات الفقهية والشرعية. الشارقة: جامعة الزرقاء. ٢٠١٦/ص١١

مستخلص البحث باللغة العربية

إن المسلم في سوق العمل والتجارات عليه التزامات وواجبات كما أن له حق وواجبات محترمة ، وهذا يجعله يُكون علاقات مع غيره تتسم بالاتزان وحسن السيرة ، وهذه العلاقات هي في الحقيقة نوع عبادات مبينة في الفقه الإسلامي تفصيلاً ، ولذا يحتاج فيها إلى التمسك بها على كل حال وفي كل زمان ومكان .

وإن من أهم وأخطر علاقة ، علاقته مع الله فيجب أن يستقر عقيدة في نفسه أن الله هو الرزاق ، وكل جهد يبذل إنما هو من باب الأسباب ، فيعتمد على ربه ، ويمشي على قاعدة القلوب تتوكل والجوارح تعمل ، وهذا يقوده إلى حسن العلاقة مع الناس ، فيعد نفسه واحداً من هذا المجتمع فما يقدمه لغيره كأنه يقدمه لنفسه مع تحقيق المنفعة للغير وعدم إلحاق الضرر ، وبهذا يكون داعية لدينه بحسن تعامله .

وهذا العطاء لا يتحقق إلا بحمل النفس على طاعة الله ، يقوي ذلك وينميه العلم الشرعي بما هو مُقدم عليه من المعاملات ، وبالعمل الجاد يجيد ويتمكن ويكتسب خبرة في ما هو فيه من عمل فينمو ذاتاً مما يفجر طاقات العطاء المتميز ، وهذا يدفع إلى القضيتين العظيمتين في العمل والهدف الأعلى منه أصلاً وهما الإتقان فيما بين اليدين والتجديد لما هو في المستقبل .

وهذه العلاقات والفهم لها تجعل قضية الانفاق يتسم بالرشد سواء كان بيعاً أو شراءً فتكون علاقة المسلم بالمال علاقة وسيلة تحقق له أهداف سبق تصورها على مستوى الاستراتيجيات المستقبلية ، ولذا الربح وإن كان مطلوباً إلا أنه يحتاج إلى قنوات آمنة من حيث الأخذ ومن حيث العطاء .

ثم إن البيئة الأرضية والبيئة الاجتماعية لها نصيب من حسن العلاقات الانسانية ، فالله جعل لنا الأرض مورد العطاء المادي وساحة عرض للعطاء الإنساني ، فإذا لم نقم بالتوازن بين العطائين فلن نحقق عبادة الخلافة في الأرض ، ولذا النظر بعين المصلحة الخاصة وبعين المصلحة العامة نظرة مزدوجة يجب ألا تتأخر إحداهما عن الأخرى لتكون صورة واضحة عن الحاضر والمستقبل .

فالعلاقات المتوازنة مع هذا التوسع الحر والمحموم في سوق العمل والتبادلات التجارية هي الطريق الوحيد الذي يحافظ على الكرامة الإنسانية ، ويجعله المستثمر الأول للعطاء المادي والمعنوي ، فإن لم يكن كذلك فسوف يتحول هذا السوق إلى غابة يموت فيها الضعيف ويغتال فيها القوي ، ويصبح كل شيء أشباح ، صور ولا أرواح وفساد جارف يأخذ الفضيلة إلى وحل الرذيلة ، ويتحول الإنسان إلى رجل آلي يتحرك وفق الأوامر بلا عقيدة ولا فكر ولا أخلاق .

مستخلص البحث باللغة الإنجليزية

Abstract

A Muslim in the job and trade market has obligations and commitments. He has respective rights too. This directs him to create balanced and respectful relationships with others. These relationships in their essence are form of worship detailed in Islamic jurisprudence. A Muslim needs to adhere to these rules at all times and places.

One of the Muslim’s most important and chief relationships is the one with Allah. He must carry the profound belief that Allah is the provider of livelihood and that every effort excerpted is a mere form of taking the reasons. So, a Muslim rely on his creator and abide to the rule that heart rely-on and on which the body operates. This leads the Muslim to have a good relationship with people viewing himself as a member of a community where the benefits he provide for others are just like ones to himself. That is done observing the creation of benefit and refraining from harm. Thus, making himself a propagator to his religion in his good dealing manners.

Such giving is only achievable through straightening oneself on obedience of Allah which is strengthened by Sharia knowledge of the to-be commercial dealings. By hard work, a Muslim gains and perfects experience in his work, developing himself and expanding his quality performance. This pushes to two great issues in work, and the main reason for work initially, which are quality in what is at hand and innovation of what is in the future.

These relations and their understanding make spending more wise either buying or selling. Making a Muslim’s relation to money a means to achieve preconceived goals on the level of future strategies. Though profit is required, it need safe channels of taking and giving.

Both the environment and the society have their share of good human relations. Allah has provided us with earth as a materialistic resource and an arena of human giving. If there was no balance between those two kinds of givings we are not going to achieve the worship of earth succession. Looking at matters through the eye of personal and public gain, both should be in sync to make a clear picture of the present and the future.

Balanced business relationships in this free growing and highly competitive job market and trade exchanges are the only way to save human dignity and makes it the first investor in materialistic and non materialistic giving. If not so, this market will become a jungle where the week dies and the strong prey. Thus, everything becomes hollow without souls in a wiping corruption that swipes virtue for vice. There the human becomes a robot moving without religion, thought nor values.

المقدمة

أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بالضرب في الأرض إما استحباباً في أحوال أو وجوباً في أحوال أخرى ، وهذا الضرب من باب السببية لنيل الخيرات ودفع المضرات ، وإن سوق العمل وخاصة سوق التبادلات التجارية قد وصل إلى مستويات عظيمة من النمو لذلك تشعر وكأنك في سوق واحد فقط يضم جميع بضائع العالم ، وهذا يدعو الإنسان إلى الإغراء بالثراء في أقل وقت ممكن ، وهذا الشعور المسيطر قد يقود المسلم إلى وصف بينه صلى الله عليه وسلم فقال : (( ليَأتينَّ على الناسِ زمانٌ ، لا يُبالي المرءُ بما أخذَ المالَ ، أمن حلالٍ أم من حرامٍ )) وذلك من قوة الإغراء وضعف النفس واختلاط الأمور وكثرة من يهرف بما لا يعرف في دين الله ، ولكن هذا ليس مبرر للمسلم فإن له مرجعية وحصن حصين وركن شديد يأوي إليه كلما مرت عليه عواصف الإغراء بالسوء فلديه كتاب عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد ، ولديه سنة غراء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ولديه مصابيح الهدى من العلماء الربانيين الذين يحكمون بالحق وبه يعدلون ، فعند الخطب يرجع إلى دينه فيجد الفرج .

فالمسلم مهما تدافعت الأمور يجب أن يكون في ميزان العدل لأنه في المقام الأول داعية لدينه محققاً عبوديته في أي زمان ومكان ، ولذا كانت علاقة المسلم تتسم بالتوازن بين المعتقد والعمل وما يختلج في الفؤاد يعرف في العمل ، فهو لا يضمر خلاف ما يبدي ، لأنه يتعامل مع ربه الذي يعلم السر وأخفى ، فهو يبني أولاً علاقته مع الله ويمد جسور العبودية بينه وبين خالقه أولاً فإذا تم له ذلك اقتبس من هذا الجسر نوراً فجعله بينه وبين أهل جنسه وبينه وبين أرضه ليحقق بذلك أسمى وأنظف العلاقات الإنسانية التي تعد روح الحياة وشمسها وهوائها .

ومن هنا أعيد في صياغة مرتبة لأهم مرتكزات العلاقات أثناء الأداء في سوق العمل لتكون نقاط مضيئة في حياة المسلم في معترك العمل ليتميز أخذاً وعطاء طلباً ورفضاً ، فيدعو العالم أجمع إلى السلوك الإسلامي الرباني وهذا يحقق أعظم هدف وأسمى غاية وهي الدعوة إلى الله بحسن الخلق في أماكن يندر أن تجد فيها الإنسانية .

وقد قسمت هذه العلاقات إلى علاقة الإنسان بربه وعلاقته بالناس وعلاقته بذاته وعلاقة بالعمل وعلاقته بالإنفاق وعلاقته بالبيئة ، ثم دعمت هذه العلاقات بالنصوص الفقهية الشرعية ، وأقول العلماء الشرعيين ، وأقوال علماء هذا الفن ليتبين الخطوط العريضة لكل علاقة ويتضح أساسها فيرى المبتدئ ويبني المنتهي والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .

صعوبة البحث

كانت الصعوبة في تحديد أهم العلاقات التي تلزم في سوق العمل وحصرها ، ثم كانت الصعوبة في نواحي العلاقة ذاتها وما هي أهم نقاطها التي يمكن أن تخدم العلاقة بأسلوب انتقائي ، ثم كانت الصعوبة في البحث عن النصوص المناسبة التي تؤيد هذا الجانب من العلاقة ، مع صعوبة توافق أقوال الفقهاء في النص وأقوال أصحاب الاختصاص في نفس العلاقة .

المنهجية

حددت ست علاقات يمكن أن يلاقيها المسلم في سوق العمل لا تنفك عنه وإلا هناك علاقات تأتي أحياناً وتختفي أحياناً أخرى وتكون مع أفراد دون آخرين ، ولذا حرصت أن أختار علاقات ملازمة لكل من يعمل بسوق العمل ، ثم اخترت جوانب أساسية في العلاقة لتكون مرتكزاً ونموذجاً لغيرها ، ثم بحثت عن النصوص الشرعية التي تبين دور المسلم في هذه العلاقة تعلماً وتعليماً وعملاً ، وتأكيد ذلك بأقوال الفقهاء الشرعيين ، وبيان ذلك من خلال أقوال علماء العلاقات ، ثم التوفيق بين كل هذا ليخرج النهائي تصور منهجي لإقامة العلاقة بالصورة المثالية أو ما قارب منها .

أسباب اختيار الموضوع

إن من أقوى أسباب اختيار مثل هذا الموضوع الحالة السوقية التي وصلت عنفوان التبادل التجاري والنفعي بين الناس ، مما قاد السوق في حالات أو جماعات إلى نوع من إسقاط الإنسانية وتمزيق العقائد والأخلاق حتى أصبحت الوسيلة غاية والغاية راية ليس لها واقع في ميدان التداول المحموم ، ولا شك أن حالة كهذه تحتاج إلى وقفة وتوقف لإعادة الأشياء إلى وضعها الطبيعي ، ومن ذلك إعادة هيكلة وبناء العلاقات بين الإنسان وبين وما هو حوله بل إعادة علاقته بنفسه ، بما يحافظ على كرامته وإنسانيته وفضله في إعمار الأرض وتنميتها ، ومن هنا حاولت أن أصنع الخطوط الرئيسية والقوالب العامة لهذه العلاقات لتكون نقطة الانطلاق بإذن الله لبرنامج إعادة السوق إلى وضعه الذي يجعل عماد ثمرته الإنسان والإنسانية .

هيكل البحث

العلاقات البشرية في سوق العمل تطرق عدة جوانب في ذات الشخص وايضاً علاقاته بالآخرين ، وهذا بحاجة إلى تأصيل فقهي شرعي ولذا قسمت البحث إلى :

أولاً : مبحث العلاقة مع الله وتحته مطالب :

1ـ الله هو الرزاق 2ـ التوكل على الله

ثانياً : مبحث العلاقة مع الناس وتحته مطالب :

1ـ المجتمع الواحد 2 ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار

ثالثاً : مبحث العلاقة مع الذات وتحته مطالب :

1ـ العلم الشرعي 2ـ العلم المهني والخبرة

رابعاً : مبحث العلاقة مع العمل وتحته مطالب :

1ـ الاتقان 2ـ التجديد

خامساً : مبحث العلاقة مع الانفاق وتحته مباحث :

1ـ الإنفاق للمبيع 2ـ الإنفاق في الشراء

سادساً : مبحث العلاقة مع البيئة وتحته مطالب :

1ـ الاستخلاف في الأرض 2ـ المصالح العامة .

مادة البحث

أولاً : العلاقة مع الله

لا شك أن المسلم بحسن علاقته مع الله سوف يحقق لنفسه مكاسب في الدنيا والآخرة ، وقد بين الله سبحانه وتعالى سبل الأخذ والعطاء بما يحافظ على كيان الأمة من الخلل والاضطراب ، ولتبقى أمة واحدة موحدة في جميع كياناتها ، فأوضح لهم .

1ـ مصدر الرزق

قال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))

قال الفخر الرازي : (( يقول تعالى ما أريد منهم من رزق فإني أنا الرزاق ولا عمل فإني قوي )) فيعلم المسلم وينمي هذه في داخله أن المصدر الحقيقي للعطاء هو الله وأن ما يحصل من حوله من أعمال وإن كانت متقنة مخطط لها فإنما هي من باب الأسباب المطلوبة من الله لكنها تبقى تحت مشيئة الرحمن إن شاء عملت وإن شاء أبطلها ، جانب آخر وهو أن العمل مهما بلغ في الإتقان والقوة فإن قوة الله هي الغالبة ولا يظلم ربك أحداً ، وهذا يدعونا لأمرين حسن الطلب للرزق بحيث يكون هناك تخطيط لنيله من مصدره الدنيوي الصحيح ، مع وجود معتقد راسخ أن الله هو الجالب الحقيقي له وقد فرغ من كتبه لعبده ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((إنَّ خَلقَ أحدِكُم يُجمَعُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا ثمَّ يَكونُ علَقةً مثلَ ذلِكَ ثمَّ يَكونُ مُضغةً مثلَ ذلِكَ ثمَّ يبعثُ اللَّهُ إليهِ ملَكًا فيؤمرُ بأربعِ كلماتٍ فيَكْتبُ رزقَهُ وعملَهُ وأجلَهُ ثمَّ يَكْتبُ شقيٌّ أو سعيدٌ ثمَّ يَنفخُ فيهِ الرُّوحَ .. )) ، وأيضاً هنا بيان واضح أن رزق العبد قد كتب قبل أن يوجد أصلاً في هذه الحياة ، وإنما نشاطه وكده من باب فعل الأسباب وعليه فمن من المستحيل أن يأخذ رزق غيره كما أنه من المستحيل أن يأخذ أحد رزقه وهذا يحد من غلواء التنافس المحموم الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى التنافس الذي لا يمت إلى الإنسانية بصلة فضلاً عن الإسلام إذن ( فالتفاضل في الأرزاق لا يعني التقاطع بين الناس والتظالم بين الطبقات والتوقح على مقسم الأرزاق ) وإن أعظم ما أُتي الإنسان القناعة بما وهب الرزاق .

2ـ التوكل على الله

قال تعالى : (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ))

يقول ابن الجوزي : (( وفي معنى يجعل له مخرجاً قال : يجعل له مخرجاً من الحرام إلى الحلال ..وقيل يجعل له مخرجاً من كل ما يضيق على الناس .. ويرزقه من حيث لا يأمل ولا يرجو ..ومن توكل أي : من وثق بالله فيما نابه ، كفاه الله ما أهمه .. )) فالتوكل على الله هي قضية متعلقة بالقلب وأما العمل فهو متعلق بالجوارح ولذا عند التوافق بين قصد القلب وعمل الجارحة ينتج العمل في أرقى صور الانسجام والروعة ، ( وإن النجاح الدنيوي الذي لا ينسجم مع النجاح الأخروي ليس بنجاح وإنما هو نوع من البروز الشكلي والمؤقت والعاقبة للتقوى ) ، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((لو أنكم تتوكَّلُونَ على اللهِ حقَّ توكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرزُقُ الطيرَ تَغْدُو خِمَاصًا وتروحُ بِطانًا)) إذا من نزل إلى سوق العمل وقد استقر في ذهنه قاعدة : (( القلوب تتوكل والجوارح تعمل )) فقد أدرك غاية الهدف من العمل ، وقد ضرب هذا المثل لبيان أن الضعف مع التوكل والعمل لا يضر طالب الرزق فالله يوفي ويبارك ، فهذه طير لا حول لها ولا قوة من نفسها لكنها متوكلة فكفاها توكلها فسدت حاجتها ببركة التوكل ، ولكن ننتبه فالتوكل دون العمل تواكل لا تقره الشريعة فهذه الطير من تمام توكلها الغدو فعلى المرء أن يبذل كل أسباب الرزق متوكلاً ، ولا شك أنه مع إيمانه أكرم عند الله من الطير فالرزق بإذن الله محفوظ وله موصول والسعي إليه وسيلة والتوكل أعظم ما يكون .

ثانياً : العلاقة مع الناس

العلاقة مع الناس علاقة ذات طابع قد يصل في أحوال إلى الضرورة ، ولذا لا يمكن لإنسان سوي أن يعيش بلا مجتمع فالإنسان بطبيعته اجتماعي ، لكن الحياة مع الناس أمر عسر لوجود التنافس بينهم الذي قد يأخذ شكل من أشكال الانحراف المؤدي إلى أذية شرائح من المجتمع ، ولذا تنمية العلاقة المجتمعية تجعل الحياة ذات طابع آخر يمكن أن يصل إلى درجة السعادة ، وسوق العمل يعج بالمنافسة التي قد تصل في أوقات وأحوال إلى حدوث نوع من الاضطراب الذي قد يجتاح ربما حياة الآخرين والسؤال أين نجد الحل ؟ إنه ( الإسلام منهج إنساني ينظم التعامل بين الرؤساء والمرؤوسين وكذا تعامل الأفراد بعضهم وبعض ..) ، ومن هنا أضع مطلبين هامين في هذا الصدد يبين هذه المنهجية :

1ـ أمة الجسد الواحد :

قال تعالى : (( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ))

قال ابن كثير : (( أي دينكم دين واحد )) فالدين واحد ، ولذا يلتف الناس حول هذا الدين عبودية له سبحانه وتعالى ، ومن هنا يكون تعامل الناس مع بعضهم وكأنهم يتعاملون مع أنفسهم فإن أخوة الإسلام تفرض هذا فما تحققه من مصلحة لنفسك فليس لك أن تمنعها عن أخيك ، وهذا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم يصور الأمة فيقول : ((المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا . ثم شبك بين أصابعه . وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ، إذ جاء رجل يسأل ، أو طالب حاجة ، أقبل علينا بوجهه فقال : اشفعوا فلتؤجروا ، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء)) ( فالمعاونة في أمور الآخرة وكذا في الأمور المباحة من الدنيا مندوب إليها ..)) وقد تصل إلى الوجوب ، وهذه الصورة الجميلة والتشبيه البليغ الذي يصور أهل الإيمان في المجتمع الواحد كالبنيان توضح أن كل قطعة في البنيان لها دورها الفعال في بقائه وجماله وتقويته ، ( وغاية ما يصبو إليه الدين أن يجد الجو الملائم لغرس عقائده وظهور آثارها من خلق وعمل ..) وهذا متحقق في المجتمع الواحد المتراص والملتف حول مبدأ واحد ، ولذا نحن بحاجة إلى كل فرد في المجتمع المسلم وفقده هدم للبنيان الأكبر في الأمة ، ومن هنا ننطلق إلى تنمية شاملة في سوق العمل بمبدأ تعاون وتبادل منفعة تخدم الجميع وتبني صرح الاقتصاد الذي يشد بعضه بعضاً ، وبذلك ينبني الاقتصاد وينشط سوق العمل وكأن القائم عليه فرد واحد من قوة الانسجام والعطاء .

2ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ ...)) قال القرطبي : (( بالباطل أي بغير حق . .. واستثنى تجارة عن تراض .. وأعلم أن كل معاوضة تجارة على أي وجه كان العوض ، إلا أن قوله بالباطل أخرج منها كل عوض لا يجوز شرعاً من رباً أو جهالة أو تقدير عوض فاسد كالخمر والخنزير وغير ذلك .. )) الناس في حاجة إلى تبادل السلع والمواد بينهم فما تستغني عنه تجد له من يطلبه فانتقاله بعوض إلى من يستفيد منه هو الأمر الذي أباحه الله من المعاملات ، ولكن يشترط التراضي بين المتعاقدين لأن الملك لا ينتزع من يد صاحبه إلا بحق ، وحقه هنا الرضا ، ولذا لا يجوز إلحاق الضرر بالمسلم بفقده المصلحة عند تنقل السلع ، ولهذا الأمر جُعل هناك فقهاً عظيماً في المعاملات تراعي المصلحة والمنفعة مع رفع الضرر على جميع أطراف المعاملات ، وهذا يجعل سوق العمل مكاناً خصباً لسرعة ووضوح انتقال السلع مما يزيد السوق نمواً ورواجاً بسبب زيادة المستثمرين والذي ساقهم العدل فيعطي الذي عليه ويأخذ الذي له دون تعب أو نزاع . ومن هنا وضع صلى الله عليه وسلم قاعدة من أعظم القواعد في الفقه الإسلامي في هذا الباب ففي الحديث : ((أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : لا ضَررَ ولا ضِرارَ)) ( الضرر يكون في البدن ويكون في المال .. والفرق بين الضرر والضرار : أن الضرر يحصل بدون قصد ، والمضارة بقصد ولهذا جاءت بصيغة المفاعلة ..)) ، وأخذ العلماء من هذا قاعدة بنفس نص الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) ، والضرر المعتبر ما كان ذا أثر بيَّن على الآخر لأن هناك أضرار محتملة وتعد تبعاً للمعاملة ولا يمكن أن تنفك عنها ، لكن يبقى هناك حاجز بين الناس في المعاملات بحيث يعملون به قبل المعاملة أنه لا ضرر ولا ضرار ، وأيضاً بعد المعاملة وعند وقوعه نعمل قاعدة (( الضرر يزال )) ، وهذا الأمر يجعل من العمليات التجارية تجري وتتحرك في مسار آمن تسعى لحفظ حقوق الناس فليس من حق أحد أن يضر بأفراد السوق خاصة أو بسوق العمل عامة سواء بالخطأ أو التعمد إلا أنه في حال التعمد يجب أن يكون هناك نوع تأديب لفعله وتعديه ، علماً بأن مثل هذا قد يمنعه الأخلاق الإسلامية الفاضلة فقد قيل : (إن القاعدة الروحية الأخلاقية في أي مجتمع هي التي تتحمل الأثقال .. وهي التي تتحمل لأواء الظروف الصعبة .. ) فيندفع بسببها كثير من المضارة خاصة في الظروف الغير مناسبة للسوق ،ولذا من جمال ( التنمية الإسلامية أن باعثها ليس الربح .. ولا الأهواء .. وإنما غايتها إنسانية ..) ، أي أن التنمية التي تقضي على الإنسانية ليس لها قيام ولا دوام .

ثالثاً : العلاقة مع الذات

التنمية ليس لها قيمة حقيقية إلا إذا جمعت بين التنمية الخارجية من مهارات وأداء عمل والتنمية الداخلية من ثقة وحب للتنمية وعزيمة للتغيير وهذه التنمية المتكاملة ، ( وإن الأمة الوحيدة التي تملك إمكانيات بلورة تنمية متكاملة ومتزنة هي أمة الإسلام .. فقد ملكها الله الأرضية والمنهجية والأهداف الكبرى ، وترك لها البحث عن الأساليب والوسائل .. )) ، ومن هنا نجد أن الإسلام ينمي الذات بأمور أهما :

1ـ العلم الشرعي : إن التنمية العلمية ركيزة أساسية لبناء شخصية الفرد فأنت قيمتك فيما تتقن وتجيد ، فعندما تمتلك مقومات علمية كبيرة تصبح فرد مؤثراً في المجتمع بشكل ينمي هذا المجتمع ، وسوق العمل مجتمع فيه من التجاذبات الخطيرة التي قد تؤدي بالإنسان إلى الطغيان والظلم والانحراف ، ولذا كان ولا بد أن يعيش الإنسان في هذا البحر المتلاطم قريباً جداً من بوصلة داخليه تبقيه على الخط الصحيح وتعيده إليه إن جنح ، ومن هنا فما يعتقده الشخص وما يملكه من أخلاق وقيم هي البوصلة الموجه لسير الفرد خاصة والجماعات عامة ، لذا كان العلم الشرعي للمسلم ركيزة معتقداته ومنمي سلوكه وأخلاقه وفي الحقيقة ( لم تعرف البشرية في تاريخها الطويل ديناً أو فلسفة أو مذهباً أعطى كل هذا القدر من الاهتمام والاحترام لمسألة العلم كدين الإسلام ) ، قال تعالى : (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) قال الإمام البغوي : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم ) بطاعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وقيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم .. والذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم ..) فالعلم المتعلق بمعتقدات وأخلاقيات الشخص وسلوكه هو من أشرف العلوم بالنسبة له ، وبالنسبة لأهل الإسلام زيادة شرف ورفعة لأنه من الله العزيز الحكيم ، ولذا قرر بعض العلماء أن على التاجر ألا يدخل سوق العمل إلا وقد فقه في التجارة . وفي الحديث : ((من يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ، واللهُ المُعْطِي وأنا القاسمُ ، ولا تزالُ هذهِ الأُمَّةُ ظاهرينَ على من خالفهم حتى يَأْتِيَ أمرُ اللهِ وهم ظاهرونَ )) . ( قال الشافعي : طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة )) وهذا يدعو كل مشتغل بسوق العمل إما يطلب العلم بنفسه وخاصة ما يتعلق بالمعاملات التجارية أو يكون له تواصل بالعلماء الشرعيين وهذا من طلب العلم ، وهذا له أهميته في حياة التاجر حتى لا يتعدى على حق غيره ولا يُتعدى على حقوقه ، ولذا لو تمسك كل أفراد سوق العمل مبدأ المرجعية الشرعية لوجدنا هناك نمو اقتصادي يتسم بالشفافية والوضوح مما يجعل هناك إقبال على سوق العمل في ارتياح تام واطمئنان على مصير المعاملات التجارية ولذا يقول صاحب العادات السبع : ( عندما تطرأ المشاكل والتغيرات وأوجه التحديات يمكنني اتخاذ قراراتي وفقاً لمبادئ .. ) ويقول ( سلوكنا يخضع لسيطرة المبادئ ، فالعيش في توافق معها يجلب عواقب حميدة أما انتهاكها فيجلب عواقب وخيمة .. )) .

والقضية العظمى في المعاملة التجارية ليس ضخامة وكمية المبادلات التجارية ، ولكن بالدرجة الأولى بركة المعاملة ، ولا تكون كذلك إلا إذا اتخذت الطابع الشرعي الذي يحقق وبكل وضوح المصلحة ويحارب المفسدة ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : ((البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا ، أو قال : حتى يتفرَّقَا ، فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما ، وإنْ كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيَعْهِمَا)) فالبيع مقصوده النماء والزيادة واتساع المعاملات التجارية بشكل يغطي احتياج الأسواق ، وهذا غير متحقق مع الكذب والغش التجاري ، إذ السلع قد تتكدس في الأسواق كماً لكن تضعف نفعاً فيصبح وجودها كعدمها ، ثم أن البيان والصدق في المعاملة ينشر بين الناس الاطمئنان أثناء المعاملة التجارية مما يجعل الإقبال يزداد ، ولذا الثقة بالمنتج والبائع يعد أعظم مكسب يمكن أن يحققه أصحاب سوق العمل في حياتهم التجارية ، وكم من شركات تخسر الملايين بسب اكتشاف المستهلك ولو جزءاً من المخادعة أو الاستغلال التجاري الذي مارسه أحياناً بعض أفرادها .

2ـ العلم بالصنعة واكتساب الخبرة

العلم بالصناعات والمهن وقود الأسواق التجارية التي تطمح للنمو وسد الحاجات ، وعمود ذلك وسيده العقول المنتجة والمصممة ، ولهذا فالاستثمار في الموارد البشرية وتنميتها مشروع لا يصيبه الفشل إذا سار في الطريق الصحيح يقول أحد خبراء التنمية (شولتز : حقيقة التنمية الاستثمار في رأس المال البشري ) ، ولذا فالمورد البشري المُعلم والمُدرب ثروة طويلة المدى تعد من أهم أصول الشركات الناجحة .

قال تعالى : (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ)) ( فاللبوس عند العرب السلاح .. لتحصنكم عند الحرب أو من وقع السلاح فيكم .. والاستفهام هنا في معنى الأمر ) فالله سبحانه وتعالى علم داود صلى الله عليه وسلم الصنعة وأمره بالشكر على هذا التعليم وهذا الانتاج لما له أثر في إقامة حياتهم الدنيا والتي تعد وسيلة لإقامة الآخرة .

وقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم مهنة الرعي ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((ما بعث اللهُ نبيًّا إلا رعى الغنمَ . فقال أصحابُه : وأنت ؟ فقال : نعم ، كنتُ أرعاها على قراريطَ لأهلِ مكةَ )) وعند مسلم قال صلى الله عليه وسلم : (كان زكرياءُ نجارًا)) ، هذا العمل وهم أنبياء الله وقدوات الخلق لتعلم الأجيال أن العمل شرف وتقدم وعزة ، وأن الحضارات إنما قامت على أكتاف الرجال العاملين والكادحين ، والذين بعد زمن أصبحوا يملكون من الخبرات ما جعلهم ملوك التنمية في كل مجالات الحياة ، ومحطة الاستشارات لكل من أراد العلم على أصوله ونظرياته .

فالتنمية الذاتية هي امتلاك معتقدات صحيحة وأخلاق فاضلة وسلوكيات حضارية ، تنتج في الواقع عملاً صالحاً مثمراً يفيد الفرد والمجتمع والأمة ، ومنه تُكتسب الخبرات التي تنشر لإفادة الإنسانية جمعاء ، ولذا ( المؤسسات تستطيع تحسين انتاجيتها بفضل كل من التدريب وتنمية الموارد البشرية ) ، ولذا مستقبل أي عمل انتاجي في اسواق العمل مرتبط بتنمية البشر .

رابعاً : العلاقة مع العمل

العمل يأخذ أعظم صور النجاح عندما يتأسس على مبدئين أحدهما الاتقان والآخر التجديد ، ومن هنا تنشأ العلاقة بين العامل وبين عمله مبنية على هذين المبدئين فتجد منه الانتاجية المتجددة مع الاتقان والابداع ، ومن هنا ندخل لتعرف عليهما :

1ـ الإتقان

الاتقان كلمة تدل على الترابط المبرمج وفق منظومات متتابعة لتنتج في النهاية العمل الذي يحقق الهدف منه بكل روعة وجمال وإبداع ، والله خالق كل شيء فسبحان من أبدع واتقن في خلقه أيما إبداع :

قال تعالى : ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )) ( والمعنى : كل خلق عنده بحساب دقيق متقن ) وهذا الاتقان من الله إشارة لخلقه أن الحياة لا تستقيم لهم إلا بعمل يتسم بالدقة والاتقان ، وهذا الذي يحبه الله من خلقه ففي الحديث : ((- إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ )) ( فأنت إذا أتْقَنـْتَ عملكَ فأنت قد فعلْتَ شيئًا يحبّه الله عز وجل ، فيحبّك الله ، ويحبّك الناس ، ويحبُّ الناس دينكَ ..) وهذا غاية عظيمة في حياة المسلم لما لها من نفع في الآخرة .

وإن عملية الإتقان لتطيل العمر الزمني للسلع فلا أحد يستطيع منافستها لجودتها العالية وفي هذا آلاف التجارب الحية في الواقع ، ولذا أصحاب الشركات الناجحة في سوق العمل يُنمون في نفوس عمالهم روح الإتقان ويجعلون له النصيب الأعظم في الترقيات ، وهذا يحفز جماهير العمال على الأداء العالي أثناء عمله ولذا المؤسسات لكي تمارس هذا الدور يلزمها ان تعلم أن ( الموارد البشرية تمثل أهم عناصر الانتاج ومصدر التميز والتفوق لها .. ) وعليه (فإن التقدير السليم للموارد البشرية يمكن أن يكون المدخل لضمان استخدامها بصورة رشيدة لصالح المجتمع بأسره ... ) .

والمسلم عندما يقوم بالإتقان فإنه يمارس عبادة يسعى فيها لنيل محبة الله وهذا مقام عظيم ، كما يسعى بواسطتها الدعوة إلى دينه الحق في رسالة إلى الجميع أن ديننا لا يرضا منا غير هذا المستوى من الإتقان ، كما يحقق أعظم هدف تسعى له كل مؤسسات التسويق ألا وهو ثقة العملاء ( وكما يقال فإن سمعتك تسبقك دوماً ) ، ولذا وبكل صراحة لا يكون الإتقان لليد العاملة بالصورة الإبداعية والدقيقة إلا إذا كان هناك طاقة داخلية تحفزه لذلك ولا شك أن طاقة العبودية أعظمها على الإطلاق . ( وإن رأس مال أي أمة ناهضة هو جهد بنيها وكدحهم وراء الرزق واعتصارهم أسباب الحياة من الصخور ) .

2ـ التجديد

العمل إن لم يكن وجه مشرق من التجديد فإنه يتسم بالبلادة ثم الاضمحلال ثم الموت ( والفكاك من النمطية شرط للتجديد ) ، ولذا الرؤية لجديد سوق العمل بوضعه الحالي ووضعه المستقبلي يحتاج إلى اجتهادات فقهية عميقة تتسم بالعلم والعمل ، ( ولا حل لأوضاعنا الاقتصادية وغير الاقتصادية إلا بالعودة إلى منهج الإسلام وحده دون إفراط أو تفريط .. ) ومن هنا يقال أن التجديد في الفتوى هو العودة إلى المنهج الصحيح في الاستنباط وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن مشى على نهجهم من الأئمة الأعلام ، وقد فتح الشرع هذا الباب وشجع عليه قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكمُ فاجتهد ثم أصاب فله أجرانِ ، وإذا حكم فاجتهدَ ثم أخطأَ فله أجرٌ)) ، فمن يملك آلة الاجتهاد وأهل له فاجتهد فإما يجمع بين الصواب والأجر أو بين الخطأ والأجر فكلا الأمرين بلا إثم ، هذا يشجع أهل الاجتهاد على دراسة ما يستجد من أمر سوق العمل .

وعلى هذا يلزم أن يكون التجديد في سوق العمل يشمل المعاملات التي تفتح آفاق جديدة نحو نمو الاقتصاد بصورة أفضل مما يسد حاجات الناس المتزايدة ، وأيضاً تجديد الرؤية الشرعية حول هذا الجديد بحيث يعمل فيها بالاجتهاد الذي يجعلها تتحرك عبر قنوات شرعية محافظة على مبادئ الإسلام ومصالح الإنسان ، ومن ثم تنقل هذه الرؤية كتنمية بشرية لأصحاب سوق العمل بحيث يجدون لأنفسهم الرزق الحلال بأيسر الطرق وأفضلها دون الدخول في معاملات قد تكسب ربحاً دنيوياً مع خسارة أخروية وأيضاً ( نحن في مرحلة تنمية اقتصادية واسعة النطاق تستلزم الاستخدام الاقتصادي الرشيد لكل موارد الانتاجية ) ، ولذا التجديد في التفكير من حيث الاستهلاك أمر في غاية الأهمية إذ يحفظ توازن الأجيال المتعاقبة ، وعليه التجديد يشمل النواحي المادية كما يجب أن يشمل النواحي المعنوية .

خامساً : العلاقة مع الإنفاق

الإنفاق في سوق العمل هي عملية نقل بين طرفين أحدهما بائع وهو المالك والآخر مشتري ، وهذه المعاملة من التبادل التجاري تأخذ صور متعددة يضمها في الفقه الإسلامي كتاب يسمى كتاب البيوع ، ولكن نحصر الإنفاق في أشهر معاملتين في التبادل وهي :

1ـ الإنفاق للمبيع

( لا يجادل أحد في أن المال هو المحور الرئيسي في حياتنا المعاصرة ) ، وعن طريقه تتم المبادلة التجارية التي هي من باب التعايش بين أفراد البشر فالذي في يديك ملك لك لكنك غير محتاج إليه اليوم فتنقله إلى غيرك عن طريق عملية البيع لتأخذ ما في ملك غيرك لأنك بحاجة إليه وهذه المعاملة جعلها الله حلالاً طيبة مبارك فيها قال تعالى : (( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) هذا المعاملة الحلال جعلت من الأسواق مخازن السلع ورواجها وحياتها ، ولذا كان ولا بد من وضع قانون لهذا السوق الذي يعد من المحركات الأساسية للمجتمعات والدول ، فمن دخل السوق وجب عليه أن يعرف المسار الذي يتحرك عليه السوق لينجو من صور التعدي والطغيان ويذهب إلى التنمية والبنيان .

وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (( لم يكنْ رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - فاحشًا، ولا مُتفحشًا، ولا سخابًا في الأسواقِ، ولا يجزي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يعفو ويصفح )) . فهو عليه الصلاة والسلام كان ممن يغشى الأسواق لكنه يقوم بالدعوة إلى الله في السوق فينبه على المعاملات الغير شرعية ويمكن أن يكون له بيع أو شراء ويلزم أخلاقيات المؤمن فلا يرفع صوته أو يؤذي أحداً ، ولذا مسألة الإنفاق للسلع له من الأحكام الشرعية ما يحقق المصلحة في اتجاهين ، مصلحة البائع بالربح ومصلحة المشتري بالمنفعة مع مراعاة السماحة والخلق القويم ولذا عرف بعضهم الإنفاق فقال : ( صرف المال لتحقيق منافع للناس وتحسين أحوالهم الاقتصادية ويعني توفير المنافع المشروعة .. ) . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : (رحمَ اللهُ رجلًا ، سَمْحًا إذا باعَ ، وإذا اشترى ، وإذا اقْتضى )) هذه دعوة بالرحمة منه صلى الله عليه وسلم لمن كان سهلاً وسمحاً في بيعه وفي شرائه فالكل في السوق أخوة يمثلون جسداً واحداً فما زاد منك لأخيك ينفعه ولا يضرك لأنه كأنه لك ، وهذا أمر يفتح باب التداول الميسر للسلع فينمو سوق العمل كما ينمو سوق الأخلاف ، وتسود الرحمة بين الأفراد وهذا يجعل المشاريع ( والأنشطة الحضارية موضع تقويم خاص لدى المسلم وهذا يمنح الانتاج الحضاري الإسلامي خصوصية وتفرداً ) سواء كان إنتاجاً سلعياً أو فكرياً .

2ـ الإنفاق في الشراء

المال نعمة من الله ومن كمال شكرها إنفاقه في الخير ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمرو بن العاص : ( يا عمرو ! إني أريد أن أبعثك على جيش فيغنمك الله ، و أرغب لك رغبة من المال صالحة . قلت : إني لم أسلم رغبة في المال ، إنما أسلمت رغبة في الإسلام فأكون مع رسول الله فقال : يا عمرو ‍ نعم المال الصالح للمرء الصالح ) . وأخذ السلع يحتاج إلى نوع من الكياسة والخبرة ، فإن خدع الإنسان أحياناً فجعل الله له من هذا مخرجاً وذلك بمسألة الخيار وهذا مقرر شرعاً قال صلى الله عليه وسلم : (ِ البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا ، أو قال : حتى يتفرَّقَا ، فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما ، وإنْ كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيَعْهِمَا))

فهذا مخرج للمغبون وتأديب للغاش وتنمية لحس الصدق والأمانة وتشجيع لأهل الخير والصلاح .

والإنفاق في الشراء يجب أن يتحرك في إطاره الشرعي من جانب الكم والكيف على منهج قوله تعالى : (( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)) فما تحتاجه لتسيير حياتك اليومية فلا تقتر في النفقة فيه فهو على أقل أحواله مباح ، وما لم تحتاجه فأخذه إسراف يعود على المرء بالإفلاس ، وإن السبب في الإسراف عادة ( البسط في الرزق الذي يدفع المرء إلى التوسع في الانفاق ) ، ولذا سؤال واستشارة أهل الخبرة في هذا الشأن مما يريحك في عملية الشراء من ناحية شراء الأفضل أداء ومن ناحية شراء ما يلزمك لأداء عملك دون ما لا تحتاجه ، فالشراء بصورة عشوائية يخلق اضطرابات في السوق المستهلكة وخلل في التعاملات ويمارس التلاعب التجاري ، ثم إن ( الترف والبذخ يدخل في باب إساءة استعمال الملكية الفردية والعامة .. ) ، كما يوقع الكثير من شرائح المجتمع في وحل الديون ويخلق بالفعل أزمات أخلاقية تؤثر وبشكل عنيف أحياناً على التنمية بشكل عام .

سادساً : العلاقة مع البيئة

البيئة بنوعيها الأرضية والاجتماعية هي المصدر الممول للإنسان وهي نقطة انطلاقه ليعيش حياة كريمة ومستقبل زاهر ، ولذا من البديهي جداً المحافظة عليهما لتبقى له ولغيره طاقة لا تنضب ومورد لا ينتهي ، ومن هنا أورد أهم دور للإنسان من أجل تحقيق هذا الهدف ومن ذلك :

1ـ إعمار الأرض

قال تعالى : ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)) ( خليفة يكون بمعنى فاعل ، أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض ، أو من كان قبله من غير الملائكة .. والمعنى بالخليفة هنا في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل ـ آدم عليه السلام ) فهذه الخلافة حملها الله آدم لتكون لمن بعده فرض ولتحقيقها فإن ( لله حق في مال الإنسان فهو واهبه الأول وللجماعة جق في مال الإنسان فهي البيئة التي نبت فيها وعاش في جوها وخدمته شتى عناصرها .. ) فعليه العطاء من أجل الإعمار ، ولا يكون الإعمار إلا بالصلاح الرباني الذي جعله الله لنا شرعاً نتعبده به ، وعليه نقول أن : العنصر البشري الصالح له القدرة العظيمة على عمارة الأرض من وجهين عمارة مادية باستغلال الثروات وبذلها من أجل الوصول إلى أفضل درجات الحياة الكريمة للإنسان ، ولذا ( فإن رأس مال أي أمة ناهضة هو جهد بنيها وكدحهم وراء الرزق واعتصارهم أسباب الحياة من الصخور ) ، وعمارة معنوي وفق منهج رباني منضبط بالنصوص الشرعية وما يستنيط منها من الأحكام الفقهية فهذا الجهد هو عين الخلافة في الأرض .

وقد بلغ الإسلام حداً في الحث على العطاء والإعمار درجة عظيمة يصورها حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنْ قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلةً فإنِ استَطاعَ أن لا تَقومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها)) فهذا حث على عمارة الأرض ولو كان في أقسى الظروف ليبقى الانتاج لمن يأتي من الأجيال فالعنصر البشري الصالح معطاء يبذل لغيره كما بُذل له ، فأنت تأكل من غرس غيرك وغيرك يأكل من غرسك ، وهذا مبدأ الشراكة بين الجنس البشري من أجل اكتمال الإعمار في أرجاء الأرض ، فهناك من يبذل ويجهد من أجل اكتشاف وقد يموت ولم يستفد هو من جهده لكنه سعيد أن غيره بالعشرات وربما الملايين سوف يستفيدون من هذا الجهد .

2ـ المصالح العامة

المصالح العامة بنيت على أساس إفادة الجميع وعند تعارضها مع المصلحة الخاصة تقدم لكثرة النفع ، ثم إن الفرد هو أساس بناء المجتمع فكان عليه واجب التضحية في حالات من أجله ، ففي غزوة أحد : (جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير فقال : ( إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم ، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ) . فهزموهم ، قال : فأنا والله رأيت النساء يشتددن ، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن ، رافعات ثيابهن . فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟ فقال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة ، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين ، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم ، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا ، فأصابوا منا سبعين .. )) هذه الحادثة تبين أن المصلحة العامة نوع من التضحية وتلزم أحياناً تقديمها من أجل الحفاظ على الكل ، وفي سوق العمل قد يستسمح في بعض الخسائر المادية من أصحاب رؤوس الأموال من أجل إنقاذ السوق من الاضطرابات التي قد تسقط الجميع ، ( فلا بد من موازنة عادلة بين الملكيتين الخاصة والعامة ) ( فالنظام الإسلامي يقوم على الاعتراف بالشكلين المختلفين للملكية في وقت واحد فيقر بالملكية الفردية وعلى نفس المستوى يقر بالملكية العامة .. ) ، وهذا المنهج كان يراه صلى الله عليه وسلم في بعض أصحابه فيغبطهم على ذلك ويمدحهم عليه ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ الأشعريِّينَ إذا أرملوا في الغزوِ أو قلَّ طعامُ عيالِهم بالمدينةِ جمعوا ما كانَ عندَهم في ثوبٍ واحدٍ ثمَّ اقتسموهُ بينَهم في إناءٍ واحدٍ بالسَّويَّةِ فَهم منِّي وأنا منْهم )) انظر إلى هذه القيمة الأخلاقية العظيمة وهي المواساة والتضامن لتكوين الجسد الواحد وهذا ما يحتاجه سوق العمل تنمية روح التكافل والمواساة عند حلول كوارث سوقية ليبقى العطاء مربوطاً بالعبودية ، فيتشجع الناس على مزيد من البذل ، ولو كان هذا المبدأ قائم في أسواقنا ما وجدنا أحد يخرج من السوق ممحلاً ليس بيديه شيء وقد كان رأس في هذه السوق ، ولذا خروج التجار أصحاب الخبرة خاصة والمعاملة الحسنة من السوق نتيجة عدم تضامن بقية التجار معه سلوك يمثل خسارة معنوية كبيرة وخسارة مادية مثلها ، فيجب على أهل السوق ( أن يعوا جميعاً أن مصلحة الفريق فوق مصلحة الفرد وأن النجاح الجماعي هو الغاية والهدف ) .

والتوصيات

اختصاراً أضع لكل علاقة توصية واحدة فقط ليجتمع شمل البحث :

إقامة دورات شرعية تركز على الجوانب العقدية للمسلم .

إقامة دورات أكاديمية متخصصة في فن العلاقات مع الناس .

صنع كتيبات مختصرة تبين رؤوس مسائل المعاملات توزع على سوق العمل .

استقطاب أصحاب الموهبة لاعتصار قدراتهم في الإتقان والتجديد .

وضع مراكز استشارات في الأسواق متخصصة في الانفاق وسبل ترشيده .

تكثيف برامج البيئة لبيان عمومية نفعها وأن التعدي على المال العام خط أحمر .

المراجع

تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب ــ محمد الرازي فخر الدين / الطبعة الأولى / دار الفكر ـ بيروت ـ لبنان / 1425هـ 2005م .

زاد المسير في علم التفسير ــ أبي الفرج ابن الجوزي /الطبعة الأولى ـ دار الكتب العلمية / بيروت ـ لبنان ( 1414هـ ــ 1994م) .

مسند الإمام أحمد ــ المشرف على التحقيق : شعيب الأرنؤوط ــ الطبعة الأولى ـ مؤسسة الرسالة ــ بيروت لبنان ( 1418هـ ـ 1997م)

تفسير ابن كثير ـ عماد الدين ابن كثير (774ه) / الطبعة الأولى /مؤسسة الرسالة /بيروت ـ لبنان /1421هـ ـ 2000م .

فتح الباري شرح صحيح البخاري ــ ابن حجر العسقلاني ـ الطبعة الأولى ــ المكتبة العصرية ــ بيروت ـ لبنان ( 1422ه ــ 2001م) .

الجامع لأحكام القرآن ـ القرطبي ( 671هـ ) الطبعة الأولى / دار الكتب العلمية /بيروت / لبنان 1413ه ــ1993م .

سنن ابن ماجة ــ شرح السندي ــ الطبعة الثالثة ــ دار المعرفة ـ بيروت لبنان ( 1420ه ــ 2000م) .

شرح الأربعين النووية ــ محمد بن صالح العثيمين ــ الطبعة الأولى ــ دار الثريا ــ الرياض ـ المملكة العربية السعودية ــ ( 1424هـ ــ 2003م ) .

تفسير البغوي ( معالم التنزيل ) ـ الحسين ابن مسعود البغوي (516ه) / الطبعة الأولى ـ الإصدار الثاني / دار طيبة للنشر والتوزيع ــ الرياض / ( 1423ه ــ 2002م) .

صحيح البخاري ـ بيت الأفكار الدولية ( 1419ــ 1998م )

صحيح مسلم ــ بيت الأفكار الدولية ( 1419ــ 1998م )

جامع بيان العلم وفضله ـ ابن عبدالبر ـ الطبعة السادسة ــ دار ابن الجوزي ــ الرياض ـ المملكة العربية السعودية ـ 1424هــ ــ 2004م .

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ــ محمد علي الشوكاني ــ الطبعة الثانية ــ دار الوفاء للطباعة والنشر ــ المنصورة ـ مصر (1418هـ ــ 1997م) .

تفسير الشعراوي ــ الأزهر (مجمع البحوث الإسلامية ) ــ القاهرة (1411ه ــ 1991م

الإسلام والأوضاع الاقتصادية ـ محمد الغزالي / الطبعة الثالثة / نهضة مصر للطباعة والنشر / القاهرة ـ 1425هـ ــ 2005م .

الإسلام والأوضاع الاقتصادية ـ محمد الغزالي / الطبعة الثالثة / نهضة مصر للطباعة والنشر / القاهرة ـ 1425هـ ــ 2005م .

مدخل إلى التنمية المتكاملة رؤية إسلامية ــ د: عبدالكريم بكار ــ الطبعة الأولى ــ دار القلم ــ دمشق ــ سوريا ـ (1420هـ ـ 1999م) .

العمل الجماعي ــ د: إبراهيم الفقي ــ الطبعة الأولى ــ دار أجيال للنشر والتوزيع ـ القاهرة ـ مصر ( 1430هـ ــ 2009م) .

قواعد السطوة ـ روبرت جرين ـ ترجمة د: هشام حناوي ــ الطبعة الأولى ــ إيلاف معان لعلوم النفس والشخصية ـ القاهرة ـ مصر ( 1432ه ــ 2011م )

إدارة الموارد البشرية ــ علي السلمي ـ الطبعة الثانية ــ دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ــ القاهرة ــ مصر ( 1417هـ ــ 1997م) .

العادات السبع للناس الأكثر فاعلية ـ ستيفن آر. كوفي ــ الطبعة الحادية والعشرون ــ مكتبة جرير ـ الرياض ــ المملكة العربية السعودية ـ ( 1429هـ ـ 2009م ) .

تنمية الموارد البشرية وأهميتها في تحسين الإنتاجية وتحقيق الميزة التنافسية ـ بارك نعيمة ــ ورقة علمية نشرت في مجلة اقتصاديات شمال أفريقيا ــ العدد السابع ـ الجزائر .

دور استراتيجية تفعيل الموارد البشرية في تحسين أداء المؤسسة الاقتصادية ( رسالة ماجستير للطالب : مغريش عبدالكريم / الجمهورية الجزائرية (جامعة مشوري قسطنطينية ) / سنة جامعية (2011م ــ 2012م) .

التنمية في الإسلام مفاهيم مناهج وتطبيقات ــ د: إبراهيم العسل ــ الطبعة الأولى ــ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ــ بيروت ـ لبنان (1416هـ ــ 1996م ) .

المحددات الحديثة للنمو الاقتصادي في الدول العربية وسبل تفعيلها ـ اطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من الطالب : وعيل ميلود ــ جامعة الجزائر ( الكلية العلوم الاقتصادية ) ــ سنة دراسية (2013 ــ 2014م) .

أضواء على المعاملات المالية في الإسلام ــ محمود حمودة ومصطفى حسين ــ الطبعة الثانية ـ مؤسسة الوراق ــ عمان ـ الأردن ( 1419هـ ــ 1999م) .

أساسيات الإدارية المالية ــ د: جميل أحمد توفيق ــ الطبعة الأولى ـ دار النهضة ــ بيروت لبنان .

التخطيط للتقدم الاقتصادي والاجتماعي ــ د: مجيد مسعود ــ عالم المعرفة ـ الجزائر ( 1404هـ ــ 1984م) .

فهرس المواضيع

مواد نصية أخرى